من المواضيع التي تطرح على الساحة في فلك التعليم المنزلي هو موضوع الأم العاملة والتعليم المنزلي. الكثير من الأمهات في زماننا لديهن وظائف نظامية أو سيدات أعمال ناجحات أو طالبات شهادات عليا، أو أمهات عاملات من المنزل. وبدون شك العمل أو الدراسة تأخذ حيزاً لا بأس به من اهتمام ووقت الأم. فهل تستطيع الأم مع كل هذه المسؤوليات أن تعلم أبنائها منزلياً؟
كما ذكرتُ في هذه المقالة، فإن الأمر ليس مستحيلاً إذا تحررنا من بعض القيود التي نضعها نحن لأنفسنا. لكن مع هذا أحببتُ أن أحضر للمتابعين أمهات حقيقيات يعملن أو يدرسن، وفي نفس الوقت يعلمن منزلياً.
معكم أم زهرة – صديقتي ورفيقة دربي في التعليم المنزلي. أم زهرة أمريكية مسلمة من أصول كاريبية و تقطن حالياً في الرياض! علمت أبناءها الستة منزلياً منذ أن كان أكبرهم خمس سنوات، ولكن مع هذا عملت و أنهت دراستها والآن تعمل بدوام كامل.
مقابلة مع أم زهرة – أم عاملة ومعلمة منزلياً
منذ متى بدأتم رحلة تعليمكم المنزلي؟ وكم عدد الأطفال الذين تلقوا تعليمهم في المنزل في أسرتكم؟
لدينا ستة أطفال تتراوح أعمارهم بين 18 و16 و14 و13 و11 و9. بدأنا رحلة تعليمنا المنزلي منذ أن كان عمر أكبر أبنائي 5 سنوات. باستثناء مدارس حفظ القرآن الكريم واللغة العربية، تم تعليم أطفالنا في المنزل من قبلي أو زوجي.
ما هي طبيعة عملك؟ هل هو العمل من المنزل، أو العمل بدوام كامل خارج المنزل؟
أنا مدرسة لغة إنجليزية كلغة ثانية لغير الناطقين بها، وكذلك مدرسة لغة إنجليزية للناطقين بها. الآن أعمل بدوام كامل من الأحد إلى الخميس من 7:30 صباحًا إلى 3 بعد الظهر.
هذه المقالة تتكلم عن الأمهات العاملات اللاتي يرغبن في تعليم أبنائهن منزلياً ولكن لا يعرفن إن كان ذلك ممكنًا. من تجربتك، هل من الممكن العمل بدوام كامل (أو الدراسة بدوام كامل) والتعليم المنزلي؟
يوفر التعليم المنزلي قدرًا كبيرًا من المرونة. من خلال تجربتي، يمكنك بكل تأكيد العمل أو الدراسة بدوام كامل (لقد قمت بالاثنين) والتعليم المنزلي. كل ما يتطلبه الأمر هو إعادة التفكير في الطريقة التي يتم بها تعليم الأطفال تقليديًا.
هل يمكن تعليم الأطفال فقط من الاثنين إلى الجمعة بين الساعة 8 صباحًا حتى 3 مساءً؟ بالطبع لا!
لذلك نحن نعلم منزلياً عندما يصل زوجي إلى المنزل في الساعة الثانية بعد الظهر وأنا أكمل معهم عندما أصل إلى المنزل. ندرس حتى الساعة 9 أو 10 مساءً حسب ما تطلبه دروسهم. نحن أيضا نستغل من عطلة نهاية الأسبوع لاستكمال دراساتنا. التخطيط المسبق والتأكد من أن الأطفال يعرفون ما هو متوقع منهم أمر ضروري. أجلس مع كل طفل منفرداً ونخطط لجدوله كل أسبوع.
نحن دائما نسعى جاهدين لتحقيق الاستمرار والتقدم وليس الكمال. طالما أنهم يتعلمون ويحرزون تقدمًا في دراساتهم، فنحن سعداء.
لنكن واقعيين هنا. عندما نعلم منزلياً بشكل عام – ناهيك عن العمل بدوام كامل والتعليم المنزلي – سيكون هناك بعض أوجه التقصير في جانب آخر من حياتنا. كيف يجب أن نشعر حيال ذلك؟ هل يجب أن ندع مشاعر “تأنيب الضمير” تؤثر علينا؟ أم أننا سنشعر بتأنيب الضمير مهما كنا “أمهات مثاليات”؟
بالطبع سيكون هناك تقصير!
وبالطبع ستكون هناك أشياء ستتأخر أو لن تحدث أبداً. ونعم، سنشعر بتأنيب الضمير لعدم قدرتنا على إنشاء تجربة تعليم منزلي مثالية كما كنا نتخيل. لهذا السبب ذكرت مسبقاً في تعليمنا المنزلي وفي حياتنا المحيطة والمتعلقة بالتعليم المنزلي، نحن لا نسعى جاهدين لتحقيق الكمال. بل نسعى جاهدين لتحقيق الاستمرار والتقدم. من المهم ألا نشعر بالضغط وألا نضغط على أنفسنا حول تحقيق هذا الأمر أو ذاك. جميع الأمهات سيشعرن بتأنيب الضمير، ولكن الإسهاب في الشعور بهذا التأنيب لن يساعدك. حوّلوا المشاعر السلبية التي تأتي مع الشعور بالذنب إلى مشاعر إيجابية من خلال المحاولة في الاستمرارية في تعليمكم المنزلي.
من أسباب القلق الرئيسية حيال العمل والتعليم المنزلي لكثير من الأمهات هو شعورهن بالإرهاق والضغط النفسي وعدم القدرة على الاستمرار. كيف تعاملتِ مع العمل (أو الدراسة)، والمسؤوليات المنزلية، وتعليم 6 أبناء منزلياً، كله في آنٍ واحد؟
أدركت في وقت مبكر أنه لا يمكنني فعل كل شيء.
في الأيام الأولى من تعليمنا المنزلي، كنت أشعر بالكثير من الضغط النفسي، وكنتُ في دوامة مفرغة من إلقاء اللوم على نفسي والشعور بالاكتئاب.
لقد أدركت الآن، أولاً: أنني كنت أحاول عبثاً وضع خطة مثالية لتعليمنا المنزلي أو إنشاء نشاطات فنية مثالية للأطفال، وعند عدم المقدرة كنت أشعر بالإحباط والفشل مما انعكس بدوره على أبنائي وزوجي مما جعلني أشعر بالمزيد من تأنيب الضمير.
ثانياً: كنت أقارن تعليمنا المنزلي بالعائلات التي بدت لديها (ظاهرياً) تجربة تعليم منزلي مثالية.
أدركتُ الآن أن تجربة كل أسرة في التعليم المنزلي مختلفة عن الأخرى، وكان عليّ أن أتعلم ما يناسبنا وينفعنا في تعليمنا المنزلي مع أطفالي ونمط حياة أسرتي. عندما تقبلتُ قصوري والوضع الفريد الخاص بي، شعرت بضغط نفسي أقل.
لذلك طلبتُ من زوجي المساعدة. هو يدرس الأبناء الرياضيات والعلوم وأنا أدرس فنون اللغة والقراءة والتاريخ ومهارات الحياة. وكذلك عودت ودربت أبنائي الأكبر سنا لمساعدة إخوتهم الصغار. وأنا أعمل مع طفل واحد ثم انتقل إلى التالي.
لذا فإن نصيحتي للأمهات الأخريات اللاتي يعتقدن أنهن سيشعرن بالضغط والتوتر – اطلبن المساعدة! أو وظفنّ عاملة منزلية للقيام بالتدبير المنزلي، أو القيام بالأعمال المنزلية عندما يكون لديك وقت فراغ أكثر، أو يمكن توظيف Babysitter لمشاهدة الأطفال لبضع ساعات في اليوم.
اطلبن من الأطفال المساعدة في الأعمال المنزلية، وشكلن مجموعات تعليم منزلي تعاونية (Homeschool Co-ops)، واطلبن من الأمهات الأخريات المساعدة والتعاون، ومن وقت لآخر خذنَ استراحة واستأنفن التعليم المنزلي بعد أسبوع أو أسبوعين، ولا تحاولن أن تفعلن كل شيء في آنٍ واحد!
عندما نقرأ عبر الإنترنت عن نصائح من أمهات عاملات ومعلمات منزلياً، تنصح الكثيرات منهن بتبسيط التعليم المنزلي وتقليله بأكبر قدر ممكن. هل يتغير نمط تعليمكم المنزلي عندما تعملين (أو عندما كنتِ تدرسين) بدوام كامل مقارنة بوقت وجودك في المنزل؟ إذا كان الأمر كذلك، فكيف؟
وأنا أتفق مع هذه النصيحة 100 ٪!
عندما أعمل، نلتزم بروتين بسيط للغاية. ندرس موضوعين أو ثلاث مواضيع كحد أقصى أو نقوم بالدراسة بالوحدات حيث ندرس موضوعًا واحدًا لمدة عدة أسابيع. وعندما أكون في إجازة من العمل، فإننا نزيد من دراستنا ونضيف مواضيع أو مواد أكثر.
عادة يكون هناك قلق عند الأمهات اللاتي لديهن أطفال صغار بسبب الوقت الذي يقضونه بعيداً عنهم خارج البيت. دائمًا يقلقون بخصوص أين ومع من يتركون الأطفال. هل لديك أي نصائح لهن؟
نصيحتي هي أن تفعل كل أم ما هو أفضل لها ولعائلتها. إن لم تكوني مرتاحةً لترك أطفالك الصغار، فعليك تأجيل العمل حتى يكبروا قليلاً.
كان لدي هدف العودة إلى العمل عندما كان عمر أصغر أبنائي 5 سنوات ولكنني لم أبدأ العمل حتى كان في السابعة أو الثامنة من العمر. إذا كان عليك العمل، فكري في العمل بدوام جزئي أو العمل من المنزل.
لدي اتفاق مع مشرف عملي بحيث يسمح لي بمغادرة العمل في وقت مبكر بمجرد الانتهاء من عملي. أنتِ تعرفين وضعك بشكل أفضل، افعلي ما يناسبك وما يناسب عائلتك.
هل العمل أو الدراسة بدوام كامل يستمر إلى الأبد؟ أم أن هناك أمل أو ضوء في نهاية النفق؟ هل سيصبح الأمر أسهل عندما يكبر الأطفال ويصبحون أكثر استقلالية؟
لا شيء يدوم إلى الأبد.
سوف يكبر الأبناء ويتحملون المزيد من المسؤولية المتعلقة بتعلميهم. سيعملون بشكل مستقل ولن تضطرِ إلى إرشادهم كما لو كانوا صغاراً. ضعي أُسسًا قويةً في تربيتهم، واحرصي على الاستمرارية، وعلميهم أن يحبوا التعلم، وتواصلي معهم باستمرار، وأعدكم أن الأمور ستتحسن مع مرور الوقت.
هل هناك أي تشجيع أو نصائح تقديميها للأمهات اللاتي ليس لديهن خيار سوى العمل ويرغبن فعلاً في تعليم أبنائهن منزلياً؟
تستطعين أن تعلمي منزلياً! بعون الله كل شيء ممكن!
1. لا تحاولي فعل الكثير!
2. لا تصعبي الأمور على نفسك.
3. قومي بتخطيط وتنظيم وقت التعليم المنزلي الخاص بك مع أطفالك، وقد يفاجئونك ويقدمون حلولاً تساعد الجميع على إتمام التعليم المنزلي بسلاسة.
4. كوني لطيفة ومرنة مع نفسك.
5. اجعلي الرعاية الذاتية أولوية. دللي نفسك بالتدليك، أو اشتري لنفسك هدية صغيرة أو اقضي بضع الوقت بمفردك في غرفتك عندما تعودين إلى المنزل من العمل. جددي نواياك بشكل متكرر وضعي ثقتك في الله عز وجل.
جزاكم الله خيرا ممتع و مفيد جدا
جزاكم الله كل خير
استفدت كثيرا من المقال جزاكم الله خير الجزاء
وإياكم.
أم زهرة لها خبرة طويلة في التعليم بصفة عامة والتعليم المنزلي بصفة خاصة.
سعيدة جداً بمرورك. 🌸