5 أسباب لإعراض الآباء عن التعليم التقليدي واللجوء إلى فكرة وليدة

لا يخفى على أحدٍ منا كم هي مرعبة فكرة عدم ذهاب فلذات أكبادنا إلى المدارس للتحصيل العلمي، ولكن المشكلة تكمن في التعليم التقليدي ذاته ونظام المدارس منتهي الصلاحية.

كلنا نحب أطفالنا ونفعل ما بوسعنا لتوفير أفضل وأجود أنواع التحصيل العلمي، ولكن هذا يجب ألا يكون على حساب جوانب أخرى من حياة أطفالنا ونشئنا.

إليكم 5 أسباب تدفع أولياء الأمور إلى سحب أبنائهم من المدارس النظامية واللجوء إلى التعليم المنزلي كنهج جريء في تربية وتعليم أبنائهم:

5 أسباب الإعراض الآباء عن التعليم التقليدي واللجوء إلى فكرة وليدة

1. رداءة التعليم العام

كلنا نعلم بأن نظام المدارس التقليدي (المدارس العامة على وجه الخصوص) لم يعد يلبي حاجات الأجيال الجديدة، ولم يعد يواكب آخر تطورات البحث العلمي، وإن كان هناك بعض التطوير أو التجديد في نظام المدارس، فهو غالبا ما يكون متأخراً جداً ولا يصل هذا التطوير إلا بعد طرح دراسته من قِبل وزارة التعليم، ثم مراجعته، ثم اتخاذ قرار بشأنه، ثم الأمر به، ولا يكون واقعاً مشاهداً إلا بعد ضياع الكثير من وقت أبنائنا الثمين.

أضف إلى ذلك عدم وجود آليات وقوانين في كثير من البلدان العربية تحمي أطفالنا من العنف بأنواعه: الجسدي (كالضرب وأنواع العقاب الجسدي الأخرى) أو العاطفي (كالسب والشتم والإهانات والتهديد).  نعم هي كانت موجودة أيامنا ومازالت إلى الآن في الكثير من مدارسنا.

2. غلاء التعليم الخاص

لا يختلف اثنان في أن الكثير ممن لجئوا إلى التعليم الخاص كان قرارهم في الأساس هو الفرار من المدارس العامة.

وقد تكون المدارس الخاصة قد ساهمت في الحفاظ على التعليم في العالم العربي من الانهيار التام، إلا أن الكثير من هذه المدارس الخاصة لم توفر احتياجات الجيل المعاصر، فلم تتطور مناهجها أو طرق التدريس (بل هي نفسها كما في المدارس العامة)، ولم توفر الدعم الكافي لأنواع التعليم المختلفة عند الأطفال.

كل ما قدمته المدارس الخاصة هو المباني المهيأة ومنع التعدي الجسدي، وشهادة بدرجات مرضية، و فاتورة باهظة!

ومع هذا فعليّ الإنصاف لمجهودات الكثير من المعلمات المبدعات في بعض دول الخليج واللاتي نقلنَّ التعليم في فصولهن من الطريقة التقليدية المملة جداً إلى أجواء مبدعة ومحببة لدى الأطفال، ولكن هذه المجهودات هي مجهودات فردية مع فاتورة باهظة يدفعها الآباء كما أسلفت.

3. فرض منهج موحد على جميع المتعلمين

لنذهب بخيالنا قليلاً إلى السوق، و سأخاطب النساء هنا في هذا المثال.

تخيلي أختي العزيزة بأنك تريدين شراء فستان جديد لحضور حفل زفاف أحد أقاربك، ذهبتِ إلى السوق وكانت جميع المحلات تبيع نفس الفستان، بنفس اللون (لنقل لونه زهري فاقع ـ لنمرح بخيالنا قليلا)، ونفس التصميم ونوع القماش وكذلك نفس الحجم!

نظرتِ هنا وهناك ولم يكن لديك الخيار إلا أن تشتري ذلك الفستان وترضى بالأمر الواقع.  ذهبتِ إلى المنزل ولبستِ الفستان فكان طوله قصير لا يناسب قامتك، وأكمامه طويلة لا تناسب ذراعيك، أما عن الوسط فبالكاد تستطيعين التنفس فيه، ومع هذا رضيتِ به وذهبتِ إلى حفل الزفاف، وإذا بجميع الحضور يلبسن نفس الفستان!

ألا يبدو هذا الأمر سخيف ومضحك؟!

هكذا هي مشكلة المناهج في جميع أنحاء العالم، كما يقال باللغة الإنجليزية (One size fits all).

الكل مجبر على نفس المنهج ونفس طرق التدريس وعلى نفس الوتيرة، وعدم الأخذ في الاعتبار طرق ولا سرعة التلقي عند الطلاب.

ولا يسطع نجم أحدٍ من الطلاب إلا من وافق (لحسن حظه) طريقة تلقيه طرق التدريس ونوعية المناهج.

تماماً كما قد يناسب الفستان الزهري حجم احدى الحضور وننظر إليها جميعنا ونقول يا لها من رشيقة!

مشكلة المناهج الدراسية والتعليم المنزلي

4. حرية ابتكار وتطوير وتحرير المناهج لدى المتعلمين منزلياً

لنعد إلى فستاننا الزهري، لنقل بأني قد أعجبني التصميم، ولكن طوله وعرضه لم يناسبني، فقمت بتصليح ما لم يعجبني، ثم قمت بإضافات جديدة جعلته مميزاً أكثر.

أما أختي فلم يعجبها التصميم أصلاً، فذهبت وصممت فستاناً جديداً بالكلية.

وهكذا هو التعليم المنزلي.  هذه الحرية في اختيار وتعديل المناهج بما يلائم أطفالنا تجعل العملية التعليمية ممتعة وهادفة وتؤتي ثماراً أينع.

أولياء الأمور يستطيعون إضافة أو حذف ما يحتاجه طفلهم، ويستطيعون تحديد السرعة التي يتم فيها إكمال المنهج أو المادة المقرر دراستها.

على سبيل المثال، إذا كان ابني يحب الرياضيات، وكان بإمكانه إنهاء أكثر من مستوى في السنة الواحدة فله ذلك، وإذا كان يجد صعوبة في مادة اللغة العربية، فلا أفرض عليه إكمال المادة في السنة، بل له أن يأخذ وقته الذي يحتاجه حتى وإن استغرق الأمر إلى سنتين.

أو أفضل من ذلك كله، تغير المنهج بالكلية وتصميم منهج يركز على نقاط ضعفه.

فليس المهم هنا ما يتم تدريسه، بل المهم ما يتم تعلُّمه.  إذا كان أطفالنا يجدون صعوبة في تلقي المادة بالطريقة التقليدية، فلنغير هذه الطريقة بالكلية ولنلائم طرق التدريس طرق التلقي، لا أن نفرض عليهم طريقة تدريس معينة ونحاول تعديل طرق تلقيهم.

وبسبب هذه الميزة في التعليم المنزلي، نجد الكثير من المتعلمين منزلياً لا يوجد عندهم مفهوم ” أنت في أي صف؟” إذا سألتهم هذا السؤال ستجد الجواب بحسب مستوى الطفل في المواضيع التي يدرسها لا بحسب فئته العمرية.

5. بلوغ الآباء والأمهات ذروة النضوج العلمي والثقافي

في زمن أجدادنا، كان معظم أولياء الأمور أميين (إلا من رحم الله)، وكانوا لا يستطيعون حتى أن يعلموا أبنائهم كيفية مسك القلم، وكان المعلم في ذلك الزمن متفوق علمياً، وكان ذلك الرعيل الأول من المعلمين جيلٌ يضرب به المثل في الصبر والتفاني، فما كان من الآباء إلا أن يرسلوا أبنائهم لتلقي العلم مِمَن يستطيع تعليمهم مالا يستطيعون.

أما اليوم، فالوضع مختلف تماماً.  أولياء الأمور هم أكثر نضجاً فكرياً وأعلى مستوى علمياً مما هو عليه حال معظم المعلمين (إلا من رحم الله)، وعليه يشعر الكثير من أولياء الأمور بأنهم أقدر وأكفأ على تعليم أبنائهم ما لا تستطيع المدرسة تعليمه.

بسبب هذه الأسباب و بسبب عدم قدرة النظم التعليمية لإيجاد حل جذري و سريع لمشاكل التعليم النظامي، يلجأ الآباء إلى التعليم المنزلي.

قد يكون هناك تخوّف أو شكوك أو (في كثير من الأحيان) استهزاء بهذا النمط النوعي في التعليم، ولكن أسر المتعلمين منزلياً دائماً ينظرون إلى الأشياء بشكل عملي و محاولة إيجاد حلول تعالج مشاكلهم بطرق مبتكرة و جرئية، و الخروج عن قوالب المألوف والمتعارف إليه.

هناك أسباب أخرى تطرقنا إليها هنا، و هناك أسباب خاصة بكل أسرة قد لا تكون مهمة لغيرها من الأسر.  فالأسباب تختلف بحسب حاجات الأبناء، وبحسب المكان والزمان، ولا يمكن تصنيفها كلها في مقالةٍ واحدة!

لذلك كلما قابلت أسرة تعلم أبنائها منزلياً، إسأل بجدية “لماذا؟” وستسمع آراء و إجابات بعدد حبات الرمل!

أسباب اللجوء إلى التعليم المنزلي

ربما سيعجبك أيضاً

Subscribe
نبّهني عن
0 تعليقات
Inline Feedbacks
View all comments