كيف ندرب أبناءنا على التنظيم والتخطيط

التنظيم والتخطيط رحلة تماماً كأي رحلة تعلّم أخرى في الحياة.  وهما مهارة مكتسبة تتحسن كلما تمرسنا عليها لفترات طويلة.  لماذا لا نبدأ في تدريب أبناءنا على التنظيم و التخطيط من سن مبكرة حتى يتمكنوا من هذه المهارة، و كسر هذه الفوضى الموروثة و إعطائهم دفعة قوية من البداية؟

لماذا لا نبدأ معهم الآن حتى لا يقعوا فريسة في فخ عدم الإنتاجية كما وقعنا نحن، والكثير منا إلى الآن لا يعرف كيف يخرج منه؟

من أهداف التعليم المنزلي تعليم مهارات الحياة أكثر من تعليم معلومات للنجاح في الامتحان!

من هذه المهارات معرفة الذات و معرفة قدراتها و بالتالي تقديرها و احترامها.

من هذه المهارات الثقة بالنفس، ومعرفة أن كل إنسان في هذه الدنيا لديه هدف يجب أن يحققه، و أنه يستطيع أن يحققه، و إن كان يبدو كبيراً كالجبال.

من هذه المهارات القدرة على التخطيط ووضع الأهداف و إنجاز أكبر قدر ممكن من المهام، ثم الرجوع ومحاسبة النفس و تحليل أسباب الفشل في عدم الإنتاجية، و التخطيط مجداً بواقعية أكثر.

رحلتنا في التنظيم و التخطيط

كما ذكرت هنا، فإننا بدأنا بالفوضى و انتهينا بالقليل من الخبرات في التنظيم و التخطيط.  لن أدعِ بأن كامل حياتنا تحت السيطرة، فما زلنا نحتاج إلى الكثير من التدريب حتى نكون منظمون 100%، و أعتقد أننا لن نصل لذلك أبداً ببساطة لأننا بشر! 

بدأنا بجداول على بطاقات، ثم جداول على الجدران، ثم كراسات تخطيط، ثم منظمات “مرقعة” بمطبوعات مجانية من هنا و هناك، ثم أنتهى بنا المطاف إلى تصميم منظماتنا بأنفسنا.

بعد سنتين من بداية عملي في تصميم المنظمات، بدأ البنات يطالبن بأن يكون لهن منظماتهن الخاصة حتى “تنتظم حياتهن”.  في ذلك الوقت ضحكتُ في نفسي، وتساءلت ما الذي يمكن أن يحتاج إلى تخطيط و تنظيم في حياة بنت عمرها 10 سنوات؟!

لكن بعد أن رفعت حاجبي و استمعتُ إلى طلباتهن🤨، قررت أن أصمم لهن منظمة بسيطة فقط لأنني أحب التصميم، وليس لأني كنتُ مقتنعة بأن بناتي يحتجن إلى “تنظيم حياتهن”.

الذي لم أدركه حينها هو أنني بدأت في تدريبهن على التنظيم و التخطيط بطريقة بسيطة و سهلة و لكن لم أرى النتائج الحقيقية إلا بعد عدة سنوات، عندما بدأن يشتكين من المنظمات التي أصممها لهن، و بدأن يطلبن أقسام تلبي حاجتهن و نمطهن، وطريقة تنظيمهن.  حينها أيقنت بأنهن بدأن في فهم أنفسهن ومعرفة احتياجاتهن وما يلبيها.

كذلك أيقنت حينها بأنهن أصبحن أكثر واقعية في التخطيط و يعلمن قدراتهن و كم يأخذ منهن كل هدف من الأهداف.

الحقيقة هي أن التخطيط و التنظيم لم يكن من ضمن أهدافنا في رحلة تعليمنا المنزلي، و لكن قدر لنا الله عز وجل أن يكون كذلك.  الآن في كل اجتماعاتي مع الأمهات المعلمات منزلياً – عندما نتطرق إلى موضوع التنظيم و التخطيط – دائماً أقترح عليهن البدء في تعليم أطفالهن هذه المهارة رويداً رويداً و بالتدريج والتسلسل، حتى يتدرب الأبناء على هذه المهارة منذ نعومة أظافرهم.

ما هو العمر المناسب لبداية تدريب الأبناء على التنظيم و التخطيط؟

هناك فرق بين التنظيم وبين التخطيط. 

نستطيع أن نبدأ تعليم أبنائنا التنظيم من سن مبكرة جداً – من سنتين فما فوق – وذلك بتعويدهم على وضع الألعاب في مكانها أو “مساعدة” الماما في الأعمال المنزلية، أو غيرها من الأمور التي يبدأ فيها الأطفال تنظيم و ترتيب مقتنياتهم الشخصية.  سنتكلم أكثر عن هذه النقطة في الفقرات التالية.

أما التخطيط فيأتي في سن متأخرة، عندما تتطور القدرات العقلية عند الأطفال و يبدأ مفهوم الوقت بالوضوح عندهم و تبرز الحاجة للتخطيط مثل القيام بواجباتهم وتسليمها في الوقت المحدد، أو التجهيز للامتحانات (إذا لم يكونوا متعلمين منزلياً)، أو التخطيط للعطلة أو للإجازة التي مازال عليها عدة أسابيع.  حينها يكون الطفل جاهز عقلياً بأن يبدأ يخطط و ينظم “حياته”.

ما الذي نجحنا به في تدريب أبنائنا على التنظيم والتخطيط؟

أولاً: العفوية

يجب أن أعترف بأن تعليم هذه المهارة لأبنائنا لم يكن مُخطط له، و إنما هو شيء وجدنا أنفسنا نقوم به دون أن نشعر.  وأعتقد أن هذه العفوية في التعليم هي سبب النجاح الأول.😊  لم أفرض على بناتي تعلم التنظيم، بل لم أكن مقتنعة أصلاً في البداية بأن هناك ضرورة لذلك، ولكن إصرارهن على “تقليدي” هو الذي جعلني أسلك هذا الطريق و أقوم بتعليمهن.

ثانياً : التدرج

كان “التخطيط” في البداية عبارة عن تسجيل ما يحدث في حياتهن، و كانت منظماتهن تحتوي فقط على تقويم ميلادي و شجرة الصلاة الشهرية، وسجل القراءة.  لم يكن البنات يخططن لأي شيء، و إنما كن فقط يسجلن ما قمنّ به.  وهذا التدريج كان عفوياً كذلك ودون أن نشعر.  (في ذلك الوقت كان عمرهن بين 10-12 سنة)

في السنة التالية طلبن البنات أجزاء أخرى في منظماتهن، مثل منظم أسبوعي و سجل كلمات السر و صفحات للملاحظات.  واستقرت المنظمات على هذا النحو لثلاث سنوات.  و أصبحن يخططن لدراستهن في منظماتهن الأسبوعية و اترك لهن حرية التخطيط، و أطلب منهن أن “أنقل” عنهن ما خططن له في منظمتي حتى أكون على دراية بتعليمهن و ما يقمن به خلال السنة.

ثم بعد ذلك تطورت مهارتهن و أصبحت كل واحدة منهن تريد أن تصمم منظمتها بنفسها.  الكبرى دخلت عالم الـ Bullet Journaling، أما الصغرى فقد صممت منظمتها من الصفر باستخدام برامج الـ Microsoft Office، وانفصل كلاهما كلياً عن منظمتي منذ سنة 2018.

ثالثاً: بناء الثقة بالنفس

عندما يخطط الأبناء و ينجزون ما خططوا له، يشعرون بالإنتاجية و بالتالي الثقة بالنفس.  هذا الشعور يدفعهم للمزيد من التخطيط و للمزيد من الإنجاز، و كذلك للمزيد من الثقة بالنفس.  و كأن لسان حالهم يقول ” أنا أستطيع!”.

لذلك من أفضل أنواع التدريب على منح الثقة بالنفس هو إعطاء مساحة و وقت كافيين للأبناء لكي يجربوا و يحاولوا لمعرفة قدراتهم و احتياجاتهم و نمطهم.

بفضل الله و منه و كرمه، أشعر بأننا نجحنا في هذا الأمر، و إن كانت الثقة بالنفس مازالت في طور التكوين بسبب عمرهن الصغير، فمازال أمامهن الكثير من المهرات التي يجب عليهن اكتشافها و اتقانها مع تقدمهن في العمر.

ما الذي لم ننجح به و نحتاج إلى إعادة المحاولة؟

عندما كنتُ أصمم منظمات للبنات، أراد ابني منظمة كذلك، وكان في ذلك الوقت عمره 8 سنوات فقط.  صممتُ له منظمة صغيرة “على قده”، استعملها أول يومين، ثم ألقاها تحت كومة من الكتب ولم يلتفت إليها أبداً😭.  حاولت معه عدة مرات، ولكن لم أنحج.  أيقنتُ حينها أنني بدأت معه مبكراً قبل أن يكون مستعداً ومتفهماً لمعنى الوقت و أهميته.  تركنا التخطيط معه إلى الآن، ولم أصمم له منظمات طيلة الفترة الماضية، و لن أحاول معه إلا عندما يطلب هو ذلك.

ما نقوم به في الوقت الحالي هو تخطيط جدولنا الأسبوعي معاً، و أشاركه منظمتي إلى أن يعتاد على فكرة التنظيم.  وكذلك قمتُ بتصميم تقويم جداري و دفتر لتدوين التاريخ اليومي و أيام الأسبوع، دون التطرق للتخطيط أو أي شيء آخر.

كيف ندرب أبنائنا على التنظيم والتخطيط

كيف ندرب أبنائنا على التنظيم و التخطيط

هذه النصائح هي نصائح نابعة من تجربتنا المحدودة.  هناك من لا يتفق معها أو قد لا تلبي حاجته، لذلك – كما أقول دائماً – خذ منها ما يناسبك و اترك الباقي.

التدرج في التنظيم، و ترك التخطيط لاحقاً

كما ذكرت آنفاً، يمكن البدء بالتنظيم من سن مبكرة جداً، قبل أن يتضح مفهوم الوقت و أهمية التخطيط للأطفال.  يبدأ التنظيم بترتيب الألعاب حسب أحجامها، أو حسب ألوانها، أو أنواعها.  كلما حان وقت ترتيب و تنظيم الغرفة و الألعاب ساعدوا الأطفال بترتيبها حسب أشكالها بدل أن توضع كلها في صندوق واحد.  مع تقدمه في العمر، يبدأ في تنظيم أدواته المدرسية، أو ملابسه، أو مساعدة الأم في الأعمال المنزلية بحيث يكون هناك مكان مخصص لكل شيء في البيت.

عندما يبدأ يتعلم الطفل التنظيم العملي، يتطور فيما بعد إلى تنظيم الوقت وتنظيم الأهداف على ورق الذي نسميه “التخطيط”.

البدء بإعطاء مسؤوليات بسيطة

التنظيم و التخطيط يعطي الأبناء الشعور بالمسؤولية، و المسؤولية تأتي تدريجياً كذلك، وتتطور مع تقدم العمر.  لذلك بعد أن يبدأ الطفل الإدراك  و فهم ما حوله، نبدأ في إعطائه بعض المسؤوليات البسيطة.  مثل وضع الأحذية في خزانة الأحذية، أو مساعدة الأسرة بعد الرجوع من التسوق في وضع المعلبات و ترتبيها على رف الخزين.  أو نقل القمامة خارج البيت في مكانها المخصص، أو غيره من المسؤوليات التي تشعر الصغار بالأهمية و أنهم قد أنجزوا “مهام مهمة”.

تقسيم المهام الكبيرة إلى مهام أصغر

عندما تكون هناك مهام كبيرة (بالنسبة للأطفال) و نطلب منهم القيام بها، فإنهم يشعرون بأنها فوق قدرتهم، و أن هذه المهمة لا يمكن لهم أداؤها بأي حالٍ من الأحوال.

لكن إذا قسمنا هذه المهمة إلى مهام صغيرة متعددة، فهذا يسهل على الأطفال القيام بها.

مثلا: إذا كانت غرفة الطفل منقلبة رأساً على عقب، ثم نطلب منه أن “ينظفها و يرتبها”، فسيشعر بأن هذه الفوضى ستبتلعه ولن يعرف من أين يبدأ، و في الغالب سيدخل إليها و يجلس وسطها و يضيف إلى الفوضى المزيد من الفوضى!

أما إذا قلنا له، ادخل و ضع كل الملابس التي على الأرض في سلة الغسيل، بدون أي توجيه أخر.

و بعد أن ينتهي، نقول الآن ضع كل الشراشف و أغطية الأسرة والوسادات على الأسرة.

وبعد ذلك نطب منه أن يضع الألعاب كلها في كومة واحدة.

وهكذا…

عندما نقسم مهمة ترتيب الغرفة (التي تبدو للصغير بأنها أكبر مهمة في الحياة) إلى مهام صغيرة محددة، فإن ذلك يخفف من رعب المهمة، ويذلل لهم أمرها.

شكر و تشجيع الأطفال بعد إنهاء “مسؤولياتهم”

من الأشياء التي نغفل عنها في خضم مسؤوليات الحياة هو شكر و تقدير الأطفال عندما يقومون بشيء معين.

كما نحبُ ان نُشكر و نُقدر على ما نقوم به، فإن الأطفال كذلك يحبون أن يُشكروا و يُقدروا مثلنا تماما.  هذا يشجعهم على الاستمرار في أداء مهاهم بل و تحسين أدائهم كذلك.  من الأشياء التي يُمكن أن نعبر بها عن شكرنا و امتنانا لهم هو المكافئات.  يمكن تحديد المكافئات بـ Stickers على جدول مهاهم، أو في دفتر الستكرات، أو تكون المكافئة بالخروج للعب أو أكل البوظة أو أي شيء آخر محبب لديهم.

توفير ما يساعد على التنظيم

من النصائح الجميلة التي نُصحتُ بها في الماضي و طبقتها مع أبنائي، هي توفير الكثير و الكثير من صناديق التنظيم التي تساعد الصغار (والكبار كذلك) على التنظيم و الترتيب وتحديد مكان مخصص لكل شيء. 

فبدل أن نضع الألعاب كلها في صندوق واحد كبير، نقسم الألعاب على صناديق بلاستيكية عدة، ونحدد لكل نوع من أنواع الألعاب صندوق خاص به.  هذه الطريقة ليست فعالة وقت التنظيم فقط، بل هي طريقة منظمة حتى وقت اللعب.  فبدل من أن يسكب الطفل الصندوق الكبير بأكمله حتى يلعب بلعبة واحدة وتخرج الأمور عن السيطرة في لحظة، يسكب فقط صندوق واحد مخصص لنوع الألعاب التي يريدها.

كذلك عند وقت التنظيم والترتيب، تكون المهمة أقل صعوبة لأنه عليه فقط أن يضع عدد قليل من الألعاب في مكانها، بدل من ألعاب الغرفة بأكملها.

طباعة قائمة مهام للأطفال لمن هم فوق سن الخامسة

بعد مرحلة عمرية معينة، نبدأ في تقديم مفهوم التخطيط للأطفال.  و من أبسط الطرق لذلك هو تصميم أو طباعة قائمة مهام أسبوعية نكتب أو نرسم عليها المهام التي يجب على الطفل القيام بها.

بعد إتمام كل مهمة، يمكن مكافئة الطفل بـStickers  أو أي شيء آخر محبب له.

أنصح بأن “تخططوا” المهام مع بعضكم البعض، وأن تسألوا الصغار ما الذي يريدون أن يقوموا به، بدل من أن نحدد لهم المهام التي يجب أن يقوموا بها.  بهذه الطريقة نفتح لهم مجال حرية الاختيار والشعور بالمسؤولية وعند الإنجاز الشعور بالثقة بالنفس، لكن إن لم ينجزوا ما خططتم له، فحاولوا أن يكون تعليقكم إيجابياً بدون إحباط، مثلا ” المرة القادمة سيكون أداؤك أفضل إن شاء الله”.

توفير دفاتر تنظيم و تخطيط لمن فوق سن العاشرة

عندما تبدأ “مسؤوليات” الأبناء تكبر، تبرز الحاجة لاقتناء منظمة صغيرة ينظمون فيها أهدافهم و “حياتهم”.  ما بعد سن العاشرة هو الوقت المناسب لبداية تعلم مهارة التخطيط و وضع أهداف حقيقية و تنفيذ المهام.  في هذه السن تبدأ الدراسة بالتراكم، و الامتحانات بالتكاثر، و تسليم الواجبات و المشروعات في وقتها المحدد تبدأ بالتكدس (بالطبع الأمر ليس بهذه الدرجة بالنسبة للمتعلمين منزلياً💪)، و لذلك اقتناء منظمة تساعد في تنظيم كل هذه المتطلبات و غيرها مفيد جداً، وفرصة ثمينة لاستثمارها في تعلم مهارة مهمة تساعدهم في المستقبل أكثر من الوقت الحالي.

قمتُ بتصميم منظمتين للبنات و للأولاد، فيها جداول شهرية و أسبوعية، و بعض القوائم التي تساعد في بناء هذه المهارة و ترسيخها عند الأبناء.  تفضل هنا لقراءة المزيد عن كيفية استعمال هذه المنظمات، و للحصول على نسختك المجانية!

التنظيم والتخطيط أمامهم، فهم يحبون التقليد

الأبناء مرآة الآباء.

هكذا نقول وهذا الواقع.  ما يقوم به أبناؤنا هو في الحقيقة انعكاس لما نقوم به نحن.  لذلك إن أردنا تحسين تربية الأبناء، فعلينا أولاً تحسين أفعالنا أمامهم لنكون قدوة لهم.

والحال كذلك في التنظيم والتخطيط.  الأطفال يحبون تقليدنا في كل شيء، من طريقة أكلنا إلى طريقة جلوسنا إلى الألفاظ التي نستخدمها.  فإذا كنا نخطط ليومنا ونضع أهدافنا و مهامنا، فأبناؤنا سيقلدوننا في التنظيم والتخطيط كذلك.

السبب الرئيسي في طلب بناتي للمنظمات هو تقليدي أنا لأني كنت في ذلك الوقت أصمم منظمات لنفسي و أستخدمها يوميا.  لم أكن منتبهة في ذلك الوقت بأن بناتي يقلدنني، لكن الآن عندما أنظر للماضي أستطيع أن أجزم بأن السبب الرئيسي الذي قادنا إلى تعليم أبناءنا مهارة التخطيط والتنظيم هو تقليدهم لنا!

المساعدة في التخطيط والتحدث عن التخطيط بواقعية

في وقتٍ ما، و بعد أن يبدأ الأطفال التخطيط بمفردهم، سيقعون في خطأ “التخطيط الخارج عن القدرة”.

في الماضي، عندما بدأ بناتي الاعتماد على أنفسهم و التخطيط بمفردهن، كن يخططن لأشياء كثيرة في اليوم الواحد.  فإذا أردن أن ينجزن كل ما خططن له، فسيأخذ ذلك منهن كل طاقتهن وكل وقتهن، و ينتهي النهار وهن مرهقات و غير مستمتعات.  و إذا لم يحققن ما خططن له، و نظرن إلى منظماتهن فسيشعرن بالفشل و الإحباط.

حينها يأتي وقت التحدث عن التخطيط بواقعية و مساعدتهم للوصول لذلك.  يجب أن نشرح لهم بأن التخطيط لا يعني أن يتم إنجاز ما خططنا له 100 %، و إنما إن أنجزنا النصف أو أكثر من النصف بقليل فهذا إنجاز رائع و يجب أن نفتخر به.

كذلك من الأمور التي سيتعلمها الأطفال بمفردهم هي أنهم بعد عدة سنوات من التخطيط، سيتعلمون كيف يخططون ما يستطيعون إنجازه بنسبة 90%، وهذا هو الهدف من التدريب و التعليم على التخطيط.

الهدف هو تعليم هذه المهارة بالتدرج و على فترة طويلة جداً حتى تتأصل فيهم في الكبر وتكون شيء فطري و طبيعي بالنسبة لهم.

عدم فرض عليهم التنظيم إن لم يكونوا مستعدين، و ترك التنظيم و التخطيط عفوياً

ما أجمل العفوية!

كم أتنمى أن يكون كل تعليمنا المنزلي عفوياً، لكن هناك بعض مواد الدراسة الأكاديمية التي يجب أن تكون منظمة.

أما تعليم المهارات، فلا يجب أن يكون منظماً أبداً، بل لو تركناه عفوياً يؤتي نتائجه أسرع وأنجع!

لذلك إن لم يستجب الأطفال لرغبتكم في تعليمهم مهارة التنظيم و التخطيط فهذا يعني أنهم غير مستعدين و غير راغبين، و بالتالي من الأفضل أن تأجلوا الأمر إلى أن تتغير رغبات الأبناء و/ أو احتياجاتهم.

من الجميل التمرس على أي مهارة منذ نعومة أظافرنا حتى نتمكن منها، لكن هذا يجب أن يكون نابع من الرغبة الداخلية لنا التي تدفعنا لذلك.  فأهم نصيحة أستطيع أن أقدمها لكم هو انتظار هذه الرغبة عند الأطفال التي تدفعهم للتعلم وعدم فرض عليهم شيء لا يقدرون أهميته أو لا يوجد لهم به حاجة.

لا تقلقوا من عدم تعلمهم هذه المهارة في الوقت الحالي، فطبيعة الإنسان أنه لا يحب أن يتعلم شيء لا يحتاجه.  عندما تبرز لهم الحاجة، و يقتنعوا بأنهم يجب عليهم أن يتعلموا مهارة معينة فسيتعلمونها بسرعة فائقة عندما يحين وقتها.

في الختام…

في الختام فإن رحلة التمكن من مهارة التنظيم و التخطيط لا يوجد لها عمر محدد، و إنما هي رحلة نبدأها متى ألحت علينا الحاجة و جبرتنا الظروف إليها.  الذي يجب أن ننتبه إليه هو محاولة نقل خبرتنا في التنظيم و التخطيط إلى أطفالنا مبكراً كلما سنحت لنا الفرصة وأن نكون قدوة لهم في ذلك.  لأن ذلك سيوفر عليهم الكثير من الجهد و الوقت ويزيد من الإنتاجية في مستقبلهم القريب بإذن الله.

أرجو مشاركة المقالة من خلال أيقونات التواصل الاجتماعي و كذلك لا تنسى أن تجرب استعمال منظمات الأطفال المجانية التي أرجو أن تنال إعجابكم.  يمكنكم كذلك اقتناء منظمة عن التدبير المنزلي و منظمة التعليم المنزلي مجاناً، والكثير من خيارات التقويمات المجانية الميلادية والهجرية.

منظمات للبنات وللأولاد

ربما سيعجبك أيضاً

Subscribe
نبّهني عن
6 تعليقات
Inline Feedbacks
View all comments
Rody Ali
أغسطس 20, 2021 2:08 ص

أنا عشوائيه جداا وغير مرتبه بشتغل وليا هوايات كتير ومعوده ولادي 5سنبن ولد و8سنين بنت علي ترتيب لعبهم ومكتبهم وبيعرفوا يعملوا المهام البسيطه كلها ، ف نفس الوقت أنا مش منظمه أبداا ونفسي أكون منظمه وبنتعلم تعليم منزلي ومش محدده وقت لده ف هبدأ أعمل روتين زي ما مكتوب في المدونه بس محتاجه نصيحه ليا أنا .هل ممكن في سني ده أكون إنسانه منظمه وليا أهداف واضحه بدل العشوائيه دي وعدم التنظيم .
وشكرا ليكي جدا علي مجهودك ووقتك في كتابة المدونه

Walaa
يناير 4, 2020 1:36 م

ماشاء الله. بارك الله مجهودك العظيم. وشكرا لمشاركتك هذه التجربه الثريه لكن اتمنى ان تنضمي الي الانستجرام هناك كم من الأمهات المميزات التي تهتم بالتعليم عامتا والتعليم المنزلي خاصتا. فأراك من المميزين الملهمين وتستحقي تواجد مميز في هذه المنصه الكبيره. 🌷🌷

سهام عبيد
أكتوبر 7, 2019 12:47 م

جزاكِ الله خيرًا كثيرًا على تلك المقالة الرائعة التي أثلجت صدري.. قلدتني ابنتي بالفعل في سن مبكرة وطلبت دفترًا لتدوين ذكرياتها وإنجازاتها ثم لتدوين المهام اليومية الخاصة بها.. واشتركت لها في دورة تدريبية للأطفال عن التظيم والتخطيط.. ورغم أنني شعرت أن المعلومات التي بها كبيرة على سنها الصغيرة، لكنها ولله الحمد استوعبت الأفكار واستشعرت أهمية التخطيط المستقبلي.. وكما ذكرتِ أنتِ في المقال فإن الطفل سيتعلم ما يريد تعلمه وسيترك ما لا يريد تعلمه.. أشكرك على كل المقالات المميزة عن التنظيم والتخطيط وعن المطبوعات المجانية كذلك.. جعلها الله بميزان حسناتك وأقر عينك بأبنائك~