ما هي الأقسام التي نؤسسها في غرفة التعليم المنزلي؟

تكلمنا في المقالات السابقة عن أهم الأدوات التي ينصح بتوفرها في غرف التعليم المنزلي، وكذلك عن كيفية تأثيث غرف التعليم المنزلي بأقل تكلفة ممكنة.  أما في هذه المقالة سنتكلم عن بعض الأقسام التي نؤسسها في غرفة التعليم المنزلي.

بالطبع غرف التعلم المنزلي تعكس توجه الأسر ونمط تعليهم وفلسفتهم فيه.  هناك من ينتهج منهج المنتسوري، وعليه فإن غرف التعليم المنزلي عندهم تكون متماشية مع ما يتطلبه هذا المنهج.  أما غرفة تعليمنا المنزلي فنحن لم نؤسس أقسامها بناءً على أي منهج، وإنما كنا نتبع فطرتنا حسب احتياجاتنا وأعمار أبنائنا.  لذلك غرفة تعليمنا المنزلي تعكس التعليم المنزلي التقليدي (Traditional Homeschooling) أكثر من أي نمط آخر، وإن كان نمط تعليمنا المنزلي تغيّر مع مرور الوقت إلى نمط الـ (Eclectic Homeschooling) أي التعليم المنزلي الانتقائي.

غرف التعليم المنزلي غير ضرورية

قبل الشروع في سرد أقسام وأركان غرفة التعليم المنزلي أود التنبيه على أن غرف التعليم المنزلي ليست ضرورية.

كما ذكرت في هذه المقالة، وهذه وهذه، فأنا تعرفت على أسر معلمة منزلياً خرّجت أبناءها من على كنبات صالة المعيشة وطاولة المطبخ!  في نظرهم مفهوم التعليم المنزلي هو ألا يكون للتعليم التقليدي أي تأثير – حتى شكلياً – على العملية التعليمية لديهم، ولذلك تجد بعض الأسر المعلمة منزلياً ترفض تأسيس غرفة تعليم منزلي في بيوتهم.

ومع هذا فمن أراد فعلاً أن يؤسس غرفة تعليم منزلي عليه أن يعلم بأنها تُؤسس تدريجياً وليس بين يوم وليلة.

هذه الغرفة كالشجرة التي تأخذ وقت طويل لتمد جذورها وتنشر ظلالها وتمتد أفرعها.  لذلك لا أريد أن يشعر أيٍ منكم بالضغط أو الإحباط إن لم يستطع أن يوفر كل الأدوات أو الأثاث.  تذكروا بأننا نُعلم أطفالنا منزلياً منذ سنة 2005، أي أننا سلكنا درب طويل إلى أن وصلنا لما وصلنا إليه الآن.

 فأرجو أن تأخذوا هذه النصيحة في الاعتبار دائماً.

ما هي الأقسام التي نؤسسها في غرفة التعليم المنزلي؟

المكتبة

المكتبة من أهم الأقسام ولا تخلو أي غرفة تعليم منزلي منها.  ولكن حجم هذه المكتبة يختلف من أسرة لأخرى بحسب البلد الذي يقتنون فيه.  ففي البلدان التي يتوفر بها مكتبات عامة يمكن من خلالها استعارة الكتب تجد المكتبة الشخصية للأسر المعلمة منزلياً صغيرة لا تتعدى الـ 100 عنوان.  أما في البلدان التي لا يتوفر بها مكتبات عامة ولا يمكن الاستعارة منها، فتجد المكتبة الشخصية للأسر المعلمة منزلياً كبيرة جداً!

في المكتبة يمكن وضع الكتب المتعلقة بالدراسة أو الكتب المخصصة للمطالعة العامة.  في غرفة تعليمنا المنزلي قسمنا مكتبتنا إلى الأقسام التالية:

أهم الأقسام في غرفة التعليم المنزلي _ المكتبة

قسم المطالعة العامة، ولكن هذا القسم قسمناه كذلك إلى حسب مواضيع الكتب.

1. يخص الكتب الخاصة بالأطفال دون سن الدراسة، معظم هذه الكتب هي كتب قماشية وكتب صور وقصص بسيطة جداً.

2. مخصص لكتب التاريخ والعلوم الاجتماعية بكلا اللغتين العربية والإنجليزية

3. مخصص لكتب العلوم كذلك بكلا اللغتين.

أما في هذه الصورة:

أهم الأقسام في غرفة التعليم المنزلي_المكبتة 2

1. مخصص للقواميس والمعاجم والأطالس. 

2. للكتب والمراجع الإسلامية.

3. روايات عربية وإنجليزية. 

4. قرآن و تفسير مبسط للأطفال.

طاولة أم أدراج؟

هناك نقطتان يجب أن تؤخذ في الاعتبار عندما يتعلق الأمر بالمكان الذي سيجلس به الطفل للقيام بدراساته. 

أولا: يجب أن يكون حجم الطاولة والكراسي مناسب لسنه.  في البداية كانت الطاولات التي نقتنيها صغيرة بكراسي صغيرة تتناسب مع حجم البنات.  ولكن مع مرور الوقت أصبحت هذه الطاولات تصغر شيئاً فشيئاً حتى اشترينا طاولة أكبر وكراسي تناسب حجمهم وراحتهم.

ثانياً: هل ستكون هذه الطاولات كبيرة والجميع سيجلس عليها كطاولات الاجتماعات؟ أم سيكون لكل طفل درجه الخاص؟ 

هذا يعتمد على نمط تعليمكم المنزلي وميزانيتكم وعدد الأطفال.  بالنسبة لنا، البداية كانت بطاولة جماعية دائرية، لكن عندما كبر البنات، فضلت فصلهن ولكن دون فصلهن (ها؟!).

بمعنى أن لكل طفل أصبح له مكانه الخاص، ولوحة فلين خاصة به، ولكن دون أن أفصلهم في أدراج منفصلة.  بعض الأسر المعلمة منزلياً تفضل هذه الطريقة، ولكن نحن لم نحبذها لأنها تشبه كثيراً أدراج المدارس. 

دولاب تخزين

في البداية لن تحتاجوا إلى خزانة تخزين إطلاقاً.  يمكن تخزين الأدوات والمواد الفنية في سلال أو صناديق.  لكن إذا وصلتم إلى مرحلة متقدمة من التعليم المنزلي، فستحتاجون لا محالة إلى خزانة لتخزين وتنظيم الكثير من المواد الفنية والألعاب التعليمية والأدوات الدراسية وغيره.

تخزين خاص بالأطفال

أهم الأقسام في غرفة التعليم المنزلي _التخزين

من ضمن التخزين تخصيص أدراج خاصة للأطفال لتخزين كل مقتنياتهم الشخصية من أقلام ومواد فنية خاصة بهم وكتبهم وكراساتهم وكذلك بعض مشاريعهم إن أرادوا ذلك.  في الصورة ترون هذه الأدراج والدواليب الصغيرة، لكل واحد من أبنائي لديه مكان مخصص لتخزين أشياءه التي لها علاقة بتعليمه المنزلي – ما عدا الصغير(4)، فكل ما في أدراجه ألعاب وأشياء أخرى غريبة لا أعلم ما هي!🙄

الأركان

في الماضي كانت غرفة تعليمنا المنزلي مقسمة إلى عدة أركان تماشياً مع ما كانت تقوم به المدرسات في رياض الأطفال.  ولكن مع مرور الوقت بدأت هذه الأركان تتداخل في بعضها إلى أن اختفى بعضها تماماً.  والسبب هو عندما بدأنا رحلة تعليمنا المنزلي كنا في حالة رعب شديد 😁😂🤣 (الآن أضحك على حالنا ولكن هكذا كنا) لدرجة أننا أصبحنا نكرر المدرسة في البيت!

إلا أننا بعد أن استمررنا في التعليم المنزلي عدة سنوات، تدريجياً بدأت هذه الأركان تختفي لثقتنا بأنفسنا وكذلك لأن بعضها غير ضروري – بل وغير عملي كذللك!

ومع هذا فأنا هنا لأدون تجربتنا من البداية، والبداية كانت بهذه الأركان:

ركن القراءة

في ركن القراءة وضعنا كل الكتب والقصص المتعلقة بالمطالعة العامة.  لم نضع أي كتاب متعلق بالتعليم الأكاديمي نفسه، ولكن جعلناها منطقة للقراءة العفوية.

في ركن القراءة وضعنا كرسي دوار صغير لتحبيب المكان للبنات وتحفيزهن على القراءة، وكذلك سلة صغيرة فيها فواصل متنوعة للقراءة.  مع مرور الزمن تحول هذا الكرسي الدوار إلى لعبة يتم تحريكها من مكان إلى آخر وتحويله مرة إلى سفينة فضائية ومرة إلى سفينة قراصنة (نعم بنات ويلعبن لعب الأولاد 😒) ومرة إلى “مرجيحة” … وهكذا.

ضف إلى ذلك أنهن أصبحن يأخذن الكتب ويقرأن في أماكن مختلفة من البيت، ومع الوقت اختفى هذا الركن بالكلية ولم يعد له داعي.

ركن الفنون

في بداية تأسيسنا لغرفة تعليمنا المنزلي، كان ركن الفنون قريب من قلوبنا.  كنا نقضي فيه الكثير من الوقت.

في هذا الركن وضعت طاولة صغيرة مع غطاء على هذه الطاولة كي يسهل تنظفها، وخصصناه لكل الأعمال الفنية كالتلوين بالألوان المائية أو استعمال الصمغ السائل أو الرسم بالرمل وغيره.  كذلك وضعنا أكواب خاصة بالفرش وسلال خاصة بمستلزمات الفنون الأخرى.

بعد أن جاء ابني الثالث، وأصبح يتحرك ويمشي، لم يترك هذا الركن بسلام!

فبدأنا نرفع كل المواد الفنية في أماكن يصعب عليه الوصول لها، واستعمالها سريعاً بعيداً عن أنظاره، ثم نخفيها مجدداً.  مع الوقت تلاشى هذا الركن من غرفة تعليمنا المنزلي وكبر البنات وأصبح لهن أدواتهن الخاصة ويقمن بنشاطاتهن الفنية بمفردهن.

ماذا عن عندما كبر ابني؟  بصراحة هو لا يحب التلوين، ولا يحب أي شيء له علاقة به!  لذلك حتى بعدما كبر لم نرجع ركن الفنون كما كان، وإنما استمررنا على ما نحن عليه الآن.

ركن الألعاب

هناك رأيان عندما يتعلق الأمر بوضع الألعاب في غرف التعليم المنزلي:

الرأي الأول ضد الفكرة – ومبرره هو أن هذه الألعاب تلهي الصغار عن دروسهن ويصبح من الصعب على الأم سحب أبنائها بعيداً عن الألعاب وكثيراً ما يتحول الأمر إلى Power Struggle بين الأم والأبناء.

أما الرأي الثاني مع الفكرة – ومبرره أن ألعاب الأطفال جزء من حياتهم وبالتالي يجب تضمين الألعاب في العملية التعليمية ومحاولة استغلالها لتحفيز الأطفال على التعلم وإشعارهم بأن الرياضيات -مثلاً – ممكن أن تكون ممتعة.

عندما أسسنا غرفة تعليمنا المنزلي ملائتها بالألعاب ببساطة لأننا لم يكن لدينا كتب تملأ كل هذه الأرفف!

ثم مع الوقت كثرت الكتب، ولم يعد للألعاب مكان، ورجعت معظم الألعاب إلى غرف النوم، باستثناء الألعاب التعليمية.

نصيحتي أن تضيفوا الألعاب إلى غرف التعليم المنزلي في المراحل الأولى (روضة – الصف الرابع) واستعمال الألعاب كلما سنحت لكم الفرصة.  أحياناً الألعاب تكون مانعا أمام الأم خصوصا لو كانت هناك لعبة جديدة، ولكن في معظم الأحيان (من تجربتي) لن تسبب الألعاب أي عقبة.  وإذا حصل ورفض الأطفال القيام بواجباتهم الدراسية في يومٍ ما، فلنسمح لهم باللعب ولنركن الكتب جانباً إلى يومٍ أخر.

صدقوني لن يتأخروا في تحصيلهم ولن يضعف مستواهم، بل العكس، سترتبط لديهم مشاعر إيجابية بالتعليم.

ركن الخيمة

خيمة؟!

نعم، خيمة!

الخيمة جزء لا يتجزأ من غرفة تعليمنا المنزلي😎 .  بدأنا بشراشف الأسِرة وانتهينا بشراء خيمة للأطفال ننصبها في وسط غرفة تعليمنا المنزلي من وقت لآخر.

مهمتها؟

إضافة المتعة و “تغير الجو” للأولاد عند القيام بواجباتهم، وكذلك لتأسيس مكان “هادئ” عندما يحتاج الأولاد إلى مكان للتركيز فيه دون أن “يزعجهم” أحد.

في الخيمة نقوم بحفظ القرآن الكريم، أو حل مسائل الرياضيات، أو القيام بـ “الامتحانات”، بالإضافة إلى كل اللعب الذي يكون بداخلها بعد الانتهاء من الدروس.

لذلك حاولوا دائماً أن تجعلوا الخيمة جزء من غرفة تعليمكم المنزلي، ويمكن استعمال شراشف الأسرة أو شراء قطعة قماش كبيرة ووضعها على الكراسي والطاولة.  وإن كانت ميزانيتكم تسمح، فشراء خيمة للأطفال بها “شبابيك” و “باب” سيضيف متعة كبيرة للعملية التعليمية بإذن الله.

جدار لتعليق الوسائط والنشاطات

أهم الأقسام في غرفة التعليم المنزلي_ الجدار غرفة تعليمنا المنزلي سنة 2008

الجدار قسم مهم من أقسام غرفة التعليم المنزلي لوضع عليه كل تلك النشاطات الفنية الرائعة، أو وسائط تعليمية أو خرائط أو مشاريع قام الأطفال بها.

يمكن تقسيم الجدار حسب المواد، كتخصيص جزء من الجدار للعلوم وجزء للغة العربية وجزء للجغرافيا والخرائط … وهكذا. نحن لم نكن نخصص أقسام لجدارنا، و إنما كنا نلصق كل شيء على الجدار كالمجانين!🤪

أنصح بأن تستخدموا الـمعجون اللاصق (متوفر في مكتبة جرير) حتى لا يتأثر دهان الجدار مع الوقت – إلا إذا كنتم من عشاق مشاريع الدهان 😎.

سبورات

تكلمنا عن السبورات في هذه المقالة، وذكرنا كيف أن السبورات للأطفال لإعطائهم الكثير من الخيارات والتنوع لكي يشعروا بالتغيير من وقت لآخر.  وأن نغرس فيهم مفهوم أن هذه السبورات لهم، يكتبوا ويرسموا عليها، وفتح المجال لهم لترجمة أفكارهم الرائعة عليها، وإحساسهم بالراحة عندها وليس الخوف والشعور بأنها من المحظورات كما هو الحال في المدارس!

هذه مجموعة ملصقات مجانية لتنظيم غرفة التعليم المنزلي، أتمنى أن تنال إعجابكم وتساعدكم في تنظيم وترتيب غرفة تعليمكم المنزلي.


للمزيد حول غرف التعليم المنزلي زوروا حسابي على بنترست ولوحتي المخصصة لغرف التعليم المنزلي – حتى وإن كانت كلها باللغة الإنجليزية، إلا أنها بدون شك مصدر إلهام لمن يخططون لتأسيس غرفة تعليم منزلي خاصة بهم.

أرجو أن تتذكروا دائماً بأن غرف التعليم المنزلي تؤسس تدريجياً وعلى فترات طويلة، وأرجو ألا يشعر أحدكم بالإحباط حين يرى هذا وذاك لديهم غرف تعليم منزلي “تفتح النفس”.  كل الأسر المعلمة منزلياً بدأت بلا شيء، وتدريجياً قامت بتأسيس غرفها للتعليم المنزلي بأفكار بسيطة وجذّابة وعملية.

ليس المهم تأسيس غرف التعليم المنزلي، ولكن المهم هو الأوقات الممتعة المليئة بالحب والحنان التي نقضيها مع أبنائنا، والمهم كذلك هو غرس حب التعلم فيهم ليستمر معهم مدى الحياة، وليس فقط في أوقات الدراسة!

لا تنسوا مشاركة هذه المقالة، وغيرها من المقالات – إن أعجبتكم – من خلال أيقونات التواصل الاجتماعي في الأسفل.

ربما سيعجبك أيضاً

Subscribe
نبّهني عن
4 تعليقات
Inline Feedbacks
View all comments
امال
يوليو 29, 2021 2:20 ص

شكرا على هذا المقال نحن مقبلون على هذه التجربة و بالفعل تحضير غرفة التعليم المنزلي من الامور المربكة في البداية

Last edited 3 سنوات by امال
شروق خالد
أكتوبر 4, 2021 1:22 م
Reply to  أم يوسف

كلامك مثل البلسم كنت أشعر بحسرة كبيرة لاني لم اوفر لهم غرفة إثناء البناء لكن كلامك جعلني اغير فكرتي عن الموضوع وأصبحت افكر كيف بإمكاني أن ادمج الأمر في عرفتهم وغرفة المعيشة شكرا لك من كل قلبي. ابنك البالغ من العمر تقريبا بعمر ابني 😂😂 ماشاء الله يكونو مليئين بالحماس والحركة من أصعب الأمور على ان اجلسه لمدة ١٠ دقايق الحمد الله على وجوده في حياتي هو وخته.