أنواع المنظمات و طرق التغليف

تكلمنا في المقالتين السابقتين عن التنظيم والتخطيط و كيف أنهما مهارة مكتسبة، و في هذه المقالة سنتكلم عن أنواع المنظمات و طرق التغليف، ومزايا و عيوب كل طريقة حتى يتسنى لنا معرفة أفضل طريقة تلبي حاجتنا و تتماشى مع نمط تنظيمنا.

إذا لم تقرأ المقالتين السابقتين فأرجو أن تبدأ بهما أولاً( اضغط هنا للأولى، و هنا للثانية) حتى تتمكن من معرفة نمط تنظيمك أولا، و كذلك للتذكير ببعض النصائح المهمة التي يجب أخذها في الاعتبار دائماً.

أنواع المنظمات و طرق التغليف

عندما نتكلم عن المنظمات وأنواعها و طرق تغليفها، فهناك ألف طريقة و طريقة!

المنظمات تختلف باختلاف البشر و احتياجاتهم، لذلك كل ما سنتكلم عنه من الآن فصاعداً لن يكون منقوش على حجر، وإنما سيكون بمثابة خارطة طريق تتبعها لتصل إلى ما يلبي حاجتك أنت فقط لا غيرك.

أولا: أنواع المنظمات

هناك منظمات شتى و أنواع و أحجام كثيرة.  نحن في أسرتنا استعملنا الكثير منها، حتى وجد كل فرد منا ما يناسبه، ولكن في مجمل المقالات التالية، سأتكلم عما قمتُ به شخصياً في رحلة تعليمنا المنزلي و رحلة تنظيمنا لحياتنا.  لن اتطرق لكل نوع بالتفصيل، وإنما سأركز فقط على منظمات التدبير المنزلي ومنظمات التعليم المنزلي فقط.

ولكن بصفة عامة إليكم أنواع المنظمات المنتشرة على الساحة في الوقت الحالي:

منظمات جاهزة من السوق

هناك منظمات جاهزة من السوق، سواء كان سوق إلكتروني (كالمنظمات التي نشتريها من المتاجر الإلكترونية)، أم من الأسواق والمكتبات الفعلية مثل مكتبة جرير.  

في الغالب هذه المنظمات تكون منظمات شخصية أو منظمات عامة جداً لا تفصل في التدبير المنزلي ولا التعليم المنزلي.  وكذلك تكون مؤرخة بالسنة الحالية، فلا يمكن استعمالها للسنوات التالية، بل يجب علينا شراء منظمة جديدة كل سنة. 

لذلك من كان يريد منظمة شخصية له، ولم يكن التدبير أو التعليم المنزلي من أولوياته، وكان من النوع الذي لا يحب تصميم و طباعة منظماته شخصياً، و لا يحب كثرة “دواخ راس” فإن هذا النوع من المنظمات هو أفضل نوع له.

أنا معقدة قليلاً😁، و أحب أن أقوم بالاشياء بنفسي دون أن يُفرض علي قالب معين، لذلك عندما نظرت في الكثير من هذه المنظمات الجاهزة لم تعجبني لا شكلاً ولا مضمونا.  و أحياناً قد يعجبي جزء من هذه المنظمة و جزء من منظمة أخرى و أتنمنى أن أستطيع دمج الأثنين معاً و إخراج منهما ما لم يعجنبي، لذلك كانت أفضل طريقة لي هي بداية تصميم منظماتي بنفسي.

منظمات تعليم منزلي

عندما بدأت تصميم المنظمات، كانت منظمة التعليم المنزلي هي أول منظمة أقوم بتصميمها بسبب الحاجة الماسة التي كانت لدي لتنظيم العملية التعليمية في بيتنا.

ما هي منظمات التعليم المنزلي؟

هي منظمة بها كل ما له علاقة بالتعليم المنزلي!

منظمة التعليم المنزلي الخاصة بنا يوجد في طياتها كل النشاطات و التخطيط لها، وكل مواعيد البرامج التي شارك أو يشارك بها الأولاد خارج البيت.

فيها جداولنا، و سجل الأيام التي نقوم بها “مدرستنا” و بها سجل البرامج العلمية التي يشاهدها الأطفال و سجل العمل التطوعي الذي شاركت به البنات في فترة من الزمن، و كذلك سجل الرحلات، و سجل الدرجات للمواد التي بها امتحانات، وكل يمكن أن يسهل و ينظم رحلة تعليمنا المنزلي كله موجود ومسجل و موثق في هذه المنظمة!

منظمات تدبير منزلي

بعد أن صممت أول منظمتين في التعليم المنزلي، بدأتُ بتصميم منظمات تدبير منزلي كذلك.  منظمات التدبير المنزلي ليست خاصة بالأمهات المعلمات منزلياً فحسب، بل هي لك أم و ربة بيت في العالم! 

ماهي منظمات التدبير المنزلي؟

هي منظمات بها كل ما له علاقة بالبيت و الأفراد الذين يعيشون فيه. 

المنظمات التي أصممها تختلف من سنة إلى أخرى، ولكن في مجملها يكون بها جداول تنظيف و تنظيم أسبوعية و شهرية، و كذلك قوائم إعداد الطعام شهرية و أسبوعية، و قسم للمعلومات الصحية الخاصة بكل فرد من أفراد الأسرة، و ما يحتاجونه من مواعيد أو علاج أو أدوية – لا قدر الله. 

كذلك أضيف إلى منظماتي في التدبير المنزلي قوائم جرد لكل ما هو موجود في البيت من مؤن، و ما يحتاج من صيانة، وما له علاقة حتى بالعاملات اللاتي كن يأتين إلى بيتي للمساعدة في شؤونه، من مواعيد عملهن و أيام غيابهن و أرقام هواتفهن، حتى لا أظلم ولا أُظلم!😊

يوجد كم هائل من الخيارات الموجودة على مواقع الشبكة الألكترونية، و لكنها بكل اللغات إلا العربية.  نعم هناك بعض المنظمات الشخصية، و لكنها ليست منظمات مفصلة ولا منظمات تنظم حياتنا في بيوتنا، ولا منظمات لها علاقة بالأسرة ككل.

منظمات الـ Bullet Journal

هذا النوع من المنظمات دخل حياتنا عن طريق بنتي الكبرى.  كما ذكرت في هذه المقالة، بعد أن كبر البنات، أصبحن يصممن منظماتهن بنفسهن، و طريقة “البولت جورنال” هي طريقة شبابية فينة منتشرة الآن في أوساط البنات تحديداً.

وطريقتها عبارة عن أخذ أي كتاب أو كراسة و ترسم وتخطط لكل شهر على حدى.  بحيث يكون لكل شهر “جو” أو “ثيم” معين وتكون كل الأسابيع في هذا الشهر بنفس الألوان (Color Scheme).  كذلك يكون التقويم – سواء كان سنوي أم شهري – مصمم باليد و بطريقة فنية بسيطة ولكن جميلة.

أنا شخصياً لستُ من النوع الذي يفضل هذا النوع من المنظمات.  لا يوجد عندي حس فني، و أفضل أن أصمم كل شئ على شاشة الكمبيوتر ثم الضغط على زر الطباعة!

منظمات أخرى

هناك كذلك منظمات صحية، لمن كان له احتياجات صحية خاصة، ينظم فيها مواعيد نشاطه وتمارينه، ومواعيد العيادات و الأطباء، و كذلك مواعيد علاجه، و الحمية الخاصة به.  أو لمن كانت حامل وتحتاج إلى نظام غذائي و صحي خاص بحالتها، أو من أراد أن ينقص وزنه فناك كذلك منظمات مخصصة لهذا.

يوجد كذلك منظمات مالية (Financial Planners) لتنظيم كل ما له علاقة بالأمور المالية، كفواتير البيت و الأعمال الخارجية، و مراقبة الديون و العمل على تسديدها، و التوفير والمصاريف الحياتية و الدخل و الضرائب (إذا كنت في بلد به ضرائب) … إلى أخر هذه الأمور.  في بعض الأحيان يتم دمج المنظمات المالية مع منظمات التدبير المنزلي إذا كانت هذه الأمور من مسؤوليات الزوجة كذلك.

يوجد كذلك منظمات جدارية!  وهي عبارة عن مكان معين في البيت – عادةً في مكانٍ ما قرب المطبخ أو غرفة الغسيل – يسمونه ” مركز المهام” (Chore or Command Center) ويكون على الجدار لوحة فلين أو سبورة مغناطيسية مثبت عليها جدول شهري و به كل ما يخص العائلة في الشهر، و به جداول التنظيف وكل ما له علاقة بالتدبير المنزلي.  للمزيد حول هذا النوع من التنظيم، انظر هنا.

 وهناك منظمات إلكترونية، كالتطبيقات على الهواتف الذكية التي يمكن تنزيلها.  لكن انتبه أن لا يضيع منك هاتفك!

ثانياً: طرق التغليف

إذا تصفحنا الانترنت سنجد أن هناك طريقتان رئيسيتان في التغليف، التغليف في كتاب (Binding in a Book)، أو طريقة ضم المنظمة كلها في ملف (Binder Planners).  أنا شخصياً استخمدت الطريقتين على مر السنوات، و وجدت أن لكل طريقة مزايا و عيوب.

في بيتنا أقرر أي طريقة التغليف بناءً على كيفية و تكرار الإستعمال.  فمثلاً منظمات التدبير المنزلي و التعليم المنزلي أغلفها في كتاب، لأن استعمالهما يكون طوال اليوم، كل يوم من الشهر تقريبا. 

أما بعض المنظمات الأخرى، كالمنظمات المالية أو منظمات المواد الدراسية، فهذه أضمها في ملف لأن استعمالها يكون لعدة مرات في الشهر الواحد فقط.

 بناءً على احتياجاتكم و نمط تنظيمكم ستحتاجون أن تقرروا بأي طريقة تريدون أن تغلفوا منظماتكم.

1. التغليف في كتاب Binding in a Book

مزايا هذه الطريقة:

هذه الطريقة في التغليف تكون من أدوم و أقوى أنواع التغليف.  في كثير من الأحيان منظماتي تذهب معي أينما ذهبت في البيت، تكون معي في غرفتنا المدرسية وتحت كل نشاطاتنا وأوراق أعمالنا، وتكون معي في المطبخ بين أدوات المطبخ و مواد تحضير الطعام!  لذلك عندما أغلف منظماتي في كتاب تكون بهذه الطريقة عملية ومتينة أكثر.

كذلك التغليف بهذه الطريقة يجعل المدونة أصغر في الحجم، وإن كان حجم الورق هو نفسه.  فالتغليف في كتاب يكون من السهل جداً أخذه معك في السفر مثلاً (لأن التعليم المنزلي يحدث في السفر كذلك!😎) وفي الاجتماعات إذا كانت هذه الاجتماعات لها علاقة بالتعليم المنزلي. 

فيما مضى، كنتُ دائماً أضع منظمة التعليم المنزلي أمامي عندما أجتمع مع باقي الأمهات لتخطيط النشاطات والفعاليات المتعلقة بمجموعات التعليم المنزلي، حتى لا يكون هناك تعارض بين ما نقوم به كأسرة معلمة منزلياً، وبين ما نقوم به كأفراد ننظم نشاطات مجموعات التعليم المنزلي.

من مزايا طريقة التغليف هذه هو فرض عليك حجم معين للمنظمة.  أنا من النوعية التي تدخل كل قصاصة ورق أو كل إعلان أو ما شابه لمنظمتها.  ومع الوقت تصبح المنظمة تحتاج إلى منظمة!

لذلك عندما أغلف منظمتي بهذه الطريقة (بعد تخطيط واتخاذ قرار ما أحتاجه بها) يمنع خروج منظمتي عن السيطرة.

من المزايا كذلك هو بقاء هذه المدونات “ملمومة” في مكان واحد على مر السنين، وتصبح مع الوقت بمثابة المدونة التي نُدون فيها كل ما يحدث في حياتنا.  عندما أرجع لمنظماتي القديمة، وأنظر فيما كنا نقوم به، أجد أن كل شيء مسجل بها باليوم والتاريخ!  وأحياناً عندما يحتدم النقاش بيني وبين أحد أفراد الأسرة عن متى حدث هذا الحدث أو ذاك، أرجع إلى منظمتي وأفوز بالنقاش دائماً.💪

عيوب هذه الطريقة:

الكثير من الأمهات لا يفضلن تغليف منظماتهن في كتاب لأنه إذا قررت أن تغير رأيك حيال قسم من أقسام المنظمة بعد التغليف فلا يمكنك فعل هذا!

وإذا لم يعجبك شيء معين بها، أو أردت أن تحرر قسم معين بها فلن تستطيع وستكون هذه المنظمة كـ “العين العورة” كما نقول بالليبي أو “An Eyesore” كما نقول بالإنجليزي طوال السنة!😫

من العيوب كذلك أنك قد تحتاج أن تذهب خارج البيت لتغليف المنظمة في مكتب تغليف أو محلات خدمات الطلاب.  أنا شخصياً لا أقوم بهذا لأن من الأشياء التي قمت بالاستثمار بها – بعد أن استقر حالنا في رحلة تعليمنا المنزلي –  هو شراء كامل العدة لتغليف الكتب والكراسات.  لذلك أنا شخصياً لا أعتبر هذه النقطة عيب، ولكن غيري قد يجدها كذلك.

من العيوب كذلك، أنه لا يمكن إعادة استعمال الأوراق أو المطبوعات التي تم تغليفيها ولم تُستعمل. 

مثلاً، إذا كان هناك بعض أجزاء المنظمة التي لم تستعملها هذه السنة، ولكن ستحتاجها للسنة القادمة، فلا يمكنك إضافتها للمنظمة الجديدة، بل عليك طباعة كل الأوراق من جديد، وبهذه الطريقة تكون قد ضيعت الكثير من المال والورق والحبر!

2. ضم المنظمة في ملف Binder Planner

إذا جئنا نتكلم عن هذه الطريقة، فإنه من المناسب أن نقول بأن مزايا الطريقة الأولى هي عيوب هذه الطريقة والعكس صحيح.

مزايا هذه الطريقة:

من أكبر مزايا هذه الطريقة أنك تستطيع “بناء” منظمتك تدريجياً على مراحل طوال السنة!

لن تحتاج أن تتخذ الكثير من القرارات مسبقاً، بل يمكنك أن تجرب وتقرر، ثم تجرب وتقرر، وهكذا.

يمكنك إضافة أو تعديل أي قسم من أقسام المنظمة، ولن تكون منظمتك “مغلقة” طوال السنة بعد أن تغلفها كالطريقة السابقة.

من المزايا كذلك هو إعادة استعمال ما لم تستعمله في السنة الماضية، وكذلك لن يكون هناك حاجة للخروج إلى محلات خدمات الطلاب للتغليف، بكل ستكون المنظمة جاهزة للاستعمال بمجرد طباعتك لأوراقها.

ويمكنك استعمال نفس الملف مراراً وتكراراً كل سنة إلى أن يهترئ، دون الحاجة إلى شراء أو اقتناء ملف جديد كل سنة، مما سيوفر عليك المال و “دواخ الراس” كما أقول دائما.

عيوب هذه الطريقة:

أكبر عيب أجده في وضع المنظمة في ملف أو Binder، هو الحجم الكبير الغير عملي!  طريقة فتح وإغلاق الملف معقدة قليلاً وليست عملية ولا سهلة في نظري.

 قد يتساءل البعض ما الصعب في ذلك؟ 

عندما تكون الأم مثل الاخطبوط تفعل عدة أشياء في آنٍ واحد، فإن آخر شيء تريده أن يقلقها هو فتح وإغلاق ملف كبير مئة مرة في اليوم!  خصوصاً عندما يكون الأمر متعلق بالتعليم المنزلي، وتحتاج أن تتنقل بين أقسامه ذهاباً وإياباً بحسب عدد الأطفال المتعلمين منزلياً.  لذلك أنا شخصيا أجد حجم الملف مقلق وغير عملي ولا يتماشى مع طريقة تنظيمي.

من العيوب كذلك هو أنه عندما نستعمل هذا الملف يومياً ونتنقل بين صفحاته فإن هذه الصفحات تبداً بالتقطع والتفتت عند مكان الخرم.  أنظر إلى الصورة التالية.

لا استعمل هذه الملفات يومياً، بل فقط مرتين إلى ثلاث مرات في الأسبوع، وأنظر إلى حال هذه الأوراق.

لا أستطيع أن أتخيل حال منظمتي إذا قمت بوضعها في ملف واستعملتها يومياً، لا أعتقد أنها ستستمر معي لأكثر من شهر!

من عيوب هذه الطريقة كذلك هو بقاء المنظمة مفتوحة لإضافة الكثير و الكثير من الأقسام و الأوراق حتى تخرج الأمور عن السيطرة و تصبح المنظمة تحتاج إلى تنظيم و ترتيب.😵

أيُ الطريقتين أفضل؟

هذا يعتمد عليك!

لن أستطيع أن أقرر نيابةً عنك، لكن أستطيع أن أقدم النصيحة التالية:

إذا كنت مبتدئ في عالم التخطيط والتنظيم، فأنا أنصح بأن تبدأ وضع منظمتك في ملف، لأنه يسهل عليك تغيرها حتى “تضبط” طريقة تنظيمك، و ستوفر بهذه الطريقة الكثير من الوقت والمال والجهد.

أما إذا كانت لديك خبرة في التنظيم، و/ أو تعرف نمط تنظيمك ومتأكد مما ستحتاجه وما لا تحتاجه، فأنصح بتغليف منظمتك في كتاب لأنها ستدوم أطول بهذه الطريقة.

في المقالة التالية سنتكلم عن كيفية صنع وتصميم منظمات تدبير منزلي.  سندخل في كل التفاصيل وفي نهاية المقالة – بإذن الله – ستكون لديك منظمة جاهزة للاستعمال (مع الكثير من المطبوعات المجانية).

فضلت تقديم منظمات التدبير المنزلي عن التعليم المنزلي – مع أن هذه المدونة عن التعليم المنزلي – لأني أحببت أن نتكلم فيما هو عام ثم ندخل فيما هو خاص. 

أشعر بأن إذا تم تدبر أمر شؤون البيت بسلاسة، فإنه يصبح من السهل جداً على الأمهات المضي في شؤون التعليم المنزلي بسلاسة كذلك.